قاعدة الضرر و الاجتهاد و التقليد (كفاية الأصول)

اشارة

نام كتاب: قاعدة الضرر و الاجتهاد و التقليد( كفاية الأصول) موضوع: فقه استدلالى و قواعد فقهى نويسنده: خراسانى، آخوند محمد كاظم بن حسين تاريخ وفات مؤلف: 1329 ه ق زبان: عربى قطع: وزيرى تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه آل البيت عليهم السلام تاريخ نشر: 1409 ه ق نوبت چاپ: اول مكان چاپ: قم- ايران محقق/ مصحح: گروه پژوهش مؤسسه آل البيت عليهم السلام ملاحظات: قاعده لا ضرر در ص 380 إلى ص 383 و اجتهاد و تقليد در ص 461 إلى آخر كتاب چاپ شده است

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

ص: 8

ص: 9

ص: 10

ص: 11

ص: 12

ص: 13

ص: 14

ص: 15

ص: 16

ص: 17

ص: 18

ص: 19

ص: 20

ص: 21

ص: 22

ص: 23

ص: 24

ص: 25

ص: 26

ص: 27

ص: 28

ص: 29

ص: 30

ص: 31

ص: 32

ص: 33

ص: 34

ص: 35

ص: 36

ص: 37

ص: 38

ص: 39

ص: 40

ص: 41

ص: 42

ص: 43

ص: 44

ص: 45

ص: 46

ص: 47

ص: 48

ص: 49

ص: 50

ص: 51

ص: 52

ص: 53

ص: 54

ص: 55

ص: 56

ص: 57

ص: 58

ص: 59

ص: 60

ص: 61

ص: 62

ص: 63

ص: 64

ص: 65

ص: 66

ص: 67

ص: 68

ص: 69

ص: 70

ص: 71

ص: 72

ص: 73

ص: 74

ص: 75

ص: 76

ص: 77

ص: 78

ص: 79

ص: 80

ص: 81

ص: 82

ص: 83

ص: 84

ص: 85

ص: 86

ص: 87

ص: 88

ص: 89

ص: 90

ص: 91

ص: 92

ص: 93

ص: 94

ص: 95

ص: 96

ص: 97

ص: 98

ص: 99

ص: 100

ص: 101

ص: 102

ص: 103

ص: 104

ص: 105

ص: 106

ص: 107

ص: 108

ص: 109

ص: 110

ص: 111

ص: 112

ص: 113

ص: 114

ص: 115

ص: 116

ص: 117

ص: 118

ص: 119

ص: 120

ص: 121

ص: 122

ص: 123

ص: 124

ص: 125

ص: 126

ص: 127

ص: 128

ص: 129

ص: 130

ص: 131

ص: 132

ص: 133

ص: 134

ص: 135

ص: 136

ص: 137

ص: 138

ص: 139

ص: 140

ص: 141

ص: 142

ص: 143

ص: 144

ص: 145

ص: 146

ص: 147

ص: 148

ص: 149

ص: 150

ص: 151

ص: 152

ص: 153

ص: 154

ص: 155

ص: 156

ص: 157

ص: 158

ص: 159

ص: 160

ص: 161

ص: 162

ص: 163

ص: 164

ص: 165

ص: 166

ص: 167

ص: 168

ص: 169

ص: 170

ص: 171

ص: 172

ص: 173

ص: 174

ص: 175

ص: 176

ص: 177

ص: 178

ص: 179

ص: 180

ص: 181

ص: 182

ص: 183

ص: 184

ص: 185

ص: 186

ص: 187

ص: 188

ص: 189

ص: 190

ص: 191

ص: 192

ص: 193

ص: 194

ص: 195

ص: 196

ص: 197

ص: 198

ص: 199

ص: 200

ص: 201

ص: 202

ص: 203

ص: 204

ص: 205

ص: 206

ص: 207

ص: 208

ص: 209

ص: 210

ص: 211

ص: 212

ص: 213

ص: 214

ص: 215

ص: 216

ص: 217

ص: 218

ص: 219

ص: 220

ص: 221

ص: 222

ص: 223

ص: 224

ص: 225

ص: 226

ص: 227

ص: 228

ص: 229

ص: 230

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

ص: 235

ص: 236

ص: 237

ص: 238

ص: 239

ص: 240

ص: 241

ص: 242

ص: 243

ص: 244

ص: 245

ص: 246

ص: 247

ص: 248

ص: 249

ص: 250

ص: 251

ص: 252

ص: 253

ص: 254

ص: 255

ص: 256

ص: 257

ص: 258

ص: 259

ص: 260

ص: 261

ص: 262

ص: 263

ص: 264

ص: 265

ص: 266

ص: 267

ص: 268

ص: 269

ص: 270

ص: 271

ص: 272

ص: 273

ص: 274

ص: 275

ص: 276

ص: 277

ص: 278

ص: 279

ص: 280

ص: 281

ص: 282

ص: 283

ص: 284

ص: 285

ص: 286

ص: 287

ص: 288

ص: 289

ص: 290

ص: 291

ص: 292

ص: 293

ص: 294

ص: 295

ص: 296

ص: 297

ص: 298

ص: 299

ص: 300

ص: 301

ص: 302

ص: 303

ص: 304

ص: 305

ص: 306

ص: 307

ص: 308

ص: 309

ص: 310

ص: 311

ص: 312

ص: 313

ص: 314

ص: 315

ص: 316

ص: 317

ص: 318

ص: 319

ص: 320

ص: 321

ص: 322

ص: 323

ص: 324

ص: 325

ص: 326

ص: 327

ص: 328

ص: 329

ص: 330

ص: 331

ص: 332

ص: 333

ص: 334

ص: 335

ص: 336

ص: 337

ص: 338

ص: 339

ص: 340

ص: 341

ص: 342

ص: 343

ص: 344

ص: 345

ص: 346

ص: 347

ص: 348

ص: 349

ص: 350

ص: 351

ص: 352

ص: 353

ص: 354

ص: 355

ص: 356

ص: 357

ص: 358

ص: 359

ص: 360

ص: 361

ص: 362

ص: 363

ص: 364

ص: 365

ص: 366

ص: 367

ص: 368

ص: 369

[المقصد السابع الأصول العملية]

[فصل أصالة الاحتياط]

[المقام الثاني في دوران الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين]

[و ينبغي التنبيه على أمور]
الرابع [تعذر الجزء أو الشرط]
اشارة

أنه لو علم بجزئية شي ء أو شرطيته في الجملة و دار [الأمر] بين أن يكون جزءا أو شرطا مطلقا و لو في حال العجز عنه و بين أن يكون جزءا أو شرطا في خصوص حال التمكن منه فيسقط الأمر بالعجز عنه على الأول لعدم القدرة حينئذ على المأمور به لا على الثاني فيبقى متعلقا بالباقي و لم يكن هناك ما يعين أحد الأمرين من إطلاق دليل اعتباره جزءا أو شرطا أو إطلاق دليل المأمور به مع إجمال دليل اعتباره أو إهماله لاستقل العقل بالبراءة عن الباقي فإن العقاب على تركه بلا بيان و المؤاخذة عليه بلا برهان.

لا يقال نعم و لكن قضية مثل حديث الرفع عدم الجزئية أو الشرطية إلا في حال التمكن منه.

فإنه يقال إنه لا مجال هاهنا لمثله بداهة أنه ورد في مقام الامتنان

ص: 370

فيختص بما يوجب نفي التكليف لا إثباته.

نعم ربما يقال (1) بأن قضية الاستصحاب في بعض الصور وجوب الباقي في حال التعذر أيضا.

و لكنه لا يكاد يصح إلا بناء على صحة القسم الثالث من استصحاب الكلي أو على المسامحة في تعيين الموضوع في الاستصحاب و كان ما تعذر مما يسامح به عرفا بحيث يصدق مع تعذره بقاء الوجوب لو قيل بوجوب الباقي و ارتفاعه لو قيل بعدم وجوبه و يأتي تحقيق الكلام فيه في غير المقام (2).

[قاعدة الميسور]

كما أن وجوب الباقي في الجملة ربما قيل (3) بكونه مقتضى ما يستفاد من (قوله صلى الله عليه و آله و سلم: إذا أمرتكم بشي ء فأتوا منه ما استطعتم) (4) و (قوله: الميسور لا يسقط بالمعسور) (5) و (قوله: ما لا يدرك كله لا يترك كله) (6) و دلالة الأول مبنية على كون كلمة من تبعيضية لا بيانية و لا بمعنى الباء و ظهورها في التبعيض و إن كان مما لا يكاد يخفى إلا أن كونه بحسب الأجزاء غير واضح لاحتمال أن يكون بلحاظ الأفراد و لو سلم فلا محيص عن أنه هاهنا بهذا اللحاظ يراد حيث ورد جوابا عن السؤال عن تكرار الحج بعد أمره به (فقد روي أنه خطب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (7) فقال: إن الله كتب


1- راجع فرائد الأصول/ 294.
2- سيأتي في مبحث الاستصحاب/ 425.
3- راجع فرائد الأصول/ 294.
4- عوالي اللآلي 4/ 58، مع اختلاف يسير.
5- عوالي اللآلي 4/ 58، باختلاف يسير.
6- عوالي اللآلي 4/ 58 باختلاف يسير.
7- راجع مجمع البيان 2: 250، في ذيل الآية 101 من سورة المائدة و التفسير الكبير للفخر الرازي 12: 106 و أنوار التنزيل للبيضاوي 1: 294، و في الأخير فقام سراقة بن مالك.

ص: 371

عليكم الحج فقام عكاشة (1) و يروى سراقة بن مالك (2) فقال في كل عام يا رسول الله فأعرض عنه حتى أعاد مرتين أو ثلاثا فقال ويحك و ما يؤمنك أن أقول نعم و الله لو قلت نعم لوجب و لو وجب ما استطعتم و لو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتم و إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم إلى أنبيائهم فإذا أمرتكم بشي ء فأتوا منه ما استطعتم و إذا نهيتكم عن شي ء فاجتنبوه).

و من ذلك ظهر الإشكال في دلالة الثاني أيضا حيث لم يظهر في عدم سقوط الميسور من الأجزاء بمعسورها لاحتمال إرادة عدم سقوط الميسور من أفراد العام بالمعسور منها.

هذا مضافا إلى عدم دلالته على عدم السقوط لزوما لعدم اختصاصه بالواجب و لا مجال معه لتوهم دلالته على أنه بنحو اللزوم إلا أن يكون المراد عدم سقوطه بما له من الحكم وجوبا كان أو ندبا بسبب سقوطه عن المعسور بأن يكون قضية الميسور كناية عن عدم سقوطه بحكمه حيث إن الظاهر من مثله هو ذلك كما أن الظاهر من مثل (: لا ضرر و لا ضرار) (3) هو نفي ما له من تكليف أو وضع لا أنها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه و بقائه على عهدة المكلف كي لا يكون له دلالة


1- عكاشة بن محصن بن حرثان، شهد بدرا مع النبي (صلى اللّه عليه و سلّم)، ثم لم يزل عنده يشهد المشاهد مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) حتى قتل في قتال أهل الردة، كان عمره عند وفاة النبي (صلى اللّه عليه و سلم) أربعا و أربعين سنة. (تهذيب الأسماء 1/ 338. رقم 418.
2- سراقة بن مالك بن جعشم الكناني المدلجي، كنيته أبو سفيان، له صحبة، كان يسكن قديد، مات بعد عثمان، روى عنه سعيد بن المسيّب و أبو رشدين و عبدالرحمن بن مالك. (الجرح و التعديل 4: 308 رقم 1342.
3- الكافي 5/ 293، كتاب المعيشة باب الضرار، الحديث 6. و: الكافي 5/ 280، كتاب المعيشة باب الشفعة، الحديث 4. و: التهذيب 7/ 164، باب الشفعة، الحديث 4.

ص: 372

على جريان القاعدة في المستحبات على وجه أو لا يكون له دلالة على وجوب الميسور في الواجبات على آخر فافهم.

و أما الثالث فبعد تسليم ظهور كون الكل في المجموعي لا الأفرادي لا دلالة له إلا على رجحان الإتيان بباقي الفعل المأمور به واجبا كان أو مستحبا عند تعذر بعض أجزائه لظهور الموصول فيما يعمهما و ليس ظهور (: لا يترك) في الوجوب لو سلم موجبا لتخصيصه بالواجب لو لم يكن ظهوره في الأعم قرينة على إرادة خصوص الكراهة أو مطلق المرجوحية من النفي و كيف كان فليس ظاهرا في اللزوم هاهنا و لو قيل بظهوره فيه في غير المقام.

ثم إنه حيث كان الملاك في قاعدة الميسور هو صدق الميسور على الباقي عرفا كانت القاعدة جارية مع تعذر الشرط أيضا لصدقه حقيقة عليه مع تعذره عرفا كصدقه عليه كذلك مع تعذر الجزء في الجملة و إن كان فاقد الشرط مباينا للواجد عقلا و لأجل ذلك ربما لا يكون الباقي الفاقد لمعظم الأجزاء أو لركنها موردا لها فيما إذا لم يصدق عليه الميسور عرفا و إن كان غير مباين للواجد عقلا.

نعم ربما يلحق به شرعا ما لا يعد بميسور عرفا بتخطئته للعرف و أن عدم العد كان لعدم الاطلاع على ما هو عليه الفاقد من قيامه في هذا الحال بتمام ما قام عليه الواجد أو بمعظمه في غير الحال و إلا عد أنه ميسوره كما ربما يقوم الدليل على سقوط ميسور عرفي لذلك أي للتخطئة و أنه لا يقوم بشي ء من ذلك.

و بالجملة ما لم يكن دليل على الإخراج أو الإلحاق كان المرجع هو الإطلاق و يستكشف منه أن الباقي قائم بما يكون المأمور به قائما بتمامه أو بمقدار يوجب إيجابه في الواجب و استحبابه في المستحب و إذا قام دليل على أحدهما فيخرج أو يدرج تخطئة أو تخصيصا في الأول و تشريكا في الحكم من دون الاندراج في الموضوع في الثاني فافهم.

تذنيب [الدوران بين الجزئية أو الشرطية و بين المانعية أو القاطعية]

لا يخفى أنه إذا دار الأمر بين جزئية شي ء أو شرطيته و بين مانعيته

ص: 373

أو قاطعيته لكان من قبيل المتباينين و لا يكاد يكون من الدوران بين المحذورين لإمكان الاحتياط بإتيان العمل مرتين مع ذاك الشي ء مرة و بدونه أخرى كما هو أوضح من أن يخفى.

ص: 374

خاتمة في شرائط الأصول

أما الاحتياط [حسن الاحتياط مطلقا]

فلا يعتبر في حسنه شي ء أصلا بل يحسن على كل حال إلا إذا كان موجبا لاختلال النظام و لا تفاوت فيه بين المعاملات و العبادات مطلقا و لو كان موجبا للتكرار فيها و توهم (1) كون التكرار عبثا و لعبا بأمر المولى و هو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة فاسد لوضوح أن التكرار ربما يكون بداع صحيح عقلائي مع أنه لو لم يكن بهذا الداعي و كان أصل إتيانه بداعي أمر مولاه بلا داع له سواه لما ينافي قصد الامتثال و إن كان لاغيا في كيفية امتثاله فافهم.

بل يحسن أيضا فيما قامت الحجة على البراءة عن التكليف لئلا يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة و فوت المصلحة.

و أما البراءة العقلية [اشتراط البراءة العقلية بالفحص]

فلا يجوز إجراؤها إلا بعد الفحص و اليأس عن الظفر بالحجة على التكليف لما مرت (2) الإشارة إليه من عدم استقلال العقل بها إلا بعدهما.

و أما البراءة النقلية

اشارة

فقضية إطلاق أدلتها و إن كان هو عدم اعتبار


1- المتوهم هو الشيخ (قده) راجع فرائد الأصول، ص 299.
2- في الاستدلال على البراءة بالدليل العقلي، ص 343.

ص: 375

الفحص في جريانها كما هو حالها في الشبهات الموضوعية إلا أنه استدل (1) على اعتباره بالإجماع و بالعقل فإنه لا مجال لها بدونه حيث يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث لو تفحص عنه لظفر به.

و لا يخفى أن الإجماع هاهنا غير حاصل و نقله لوهنه بلا طائل فإن تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب لو لم يكن عادة بمستحيل لقوة احتمال أن يكون المستند للجل لو لا الكل هو ما ذكر من حكم العقل و أن الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك علم موجب للتنجز إما لانحلال العلم الإجمالي بالظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال أو لعدم الابتلاء إلا بما لا يكون بينها علم بالتكليف من موارد الشبهات و لو لعدم الالتفات إليها (2).

فالأولى الاستدلال للوجوب بما دل من الآيات (3) و الأخبار (4) على وجوب التفقه و التعلم و المؤاخذة على ترك التعلم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالى كما في الخبر (5) (: هلا تعلمت) فيقيد بها أخبار البراءة لقوة ظهورها في أن المؤاخذة و الاحتجاج بترك التعلم فيما لم يعلم لا بترك العمل فيما علم وجوبه و لو إجمالا فلا مجال للتوفيق بحمل هذه الأخبار على ما إذا علم إجمالا فافهم.

و لا يخفى اعتبار الفحص في التخيير العقلي أيضا بعين ما ذكر في البراءة فلا تغفل.

و لا بأس بصرف الكلام في بيان بعض ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من


1- راجع فرائد الأصول/ 300 و 301.
2- في العبارة تسامح.
3- التوبة: 122 و النحل: 43.
4- الفقيه 6/ 277، الباب 176 ذيل الحديث 10- الكافي 1/ كتاب 2/ احاديث الباب 1.
5- الأمالي للشيخ/ 9- الصافي/ 555.

ص: 376

التبعة و الأحكام.

أما التبعة فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة فيما إذا كان ترك التعلم و الفحص مؤديا إليها فإنها و إن كان مغفولة حينها و بلا اختيار إلا أنها منتهية إلى الاختيار و هو كاف في صحة العقوبة بل مجرد تركهما كاف في صحتها و إن لم يكن مؤديا إلى المخالفة مع احتماله لأجل التجري و عدم المبالاة بها.

نعم يشكل في الواجب المشروط و الموقت لو أدى تركهما قبل الشرط و الوقت إلى المخالفة بعدهما فضلا عما إذا لم يؤد إليها حيث لا يكون حينئذ تكليف فعلي أصلا لا قبلهما و هو واضح و لا بعدهما و هو كذلك لعدم التمكن (1) منه بسبب الغفلة و لذا التجأ المحقق الأردبيلي (2) و صاحب المدارك (3) قدس سرهما إلى الالتزام بوجوب التفقه و التعلم نفسيا تهيئيا فتكون العقوبة على ترك التعلم نفسه لا على ما أدى إليه من المخالفة.

فلا إشكال حينئذ في المشروط و الموقت و يسهل بذلك الأمر في غيرهما لو صعب على أحد و لم تصدق كفاية الانتهاء إلى الاختيار في استحقاق العقوبة على ما كان فعلا مغفولا عنه و ليس بالاختيار و لا يخفى أنه لا يكاد ينحل هذا الإشكال إلا بذلك أو الالتزام بكون المشروط أو الموقت مطلقا معلقا لكنه قد اعتبر على نحو لا تتصف مقدماته الوجودية عقلا بالوجوب قبل الشرط أو الوقت غير التعلم


1- إلا أن يقال بصحة المؤاخذة على ترك المشروط أو الموقت عند العقلاء إذا تمكن منهما في الجملة، و لو بأن تعلّم و تفحّص إذا التفت، و عدم لزوم التمكن منهما بعد حصول الشرط و دخول الوقت مطلقا، كما يظهر ذلك من مراجعة العقلاء و مؤاخذتهم العبيد على ترك الواجبات المشروطة أو المؤقتة، يترك تعلمها قبل الشرط أو الوقت المؤدي إلى تركها بعد حصوله أو دخوله، فتأمل (منه قدس سره).
2- راجع كلامه قدس سره) في مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان 2/ 110، عند قوله: و اعلم أيضا أنّ سبب بطلان الصلاة .. الخ.
3- راجع مدارك الأحكام/ 123، في مسألة إخلال المصلي بإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه.

ص: 377

فيكون الإيجاب حاليا و إن كان الواجب استقباليا قد أخذ على نحو لا يكاد يتصف بالوجوب شرطه و لا غير التعلم من مقدماته قبل شرطه أو وقته.

و أما لو قيل بعدم الإيجاب إلا بعد الشرط و الوقت كما هو ظاهر الأدلة و فتاوى المشهور فلا محيص عن الالتزام بكون وجوب التعلم نفسيا لتكون العقوبة لو قيل بها على تركه لا على ما أدى إليه من المخالفة و لا بأس به كما لا يخفى و لا ينافيه ما يظهر من الأخبار من كون وجوب التعلم إنما هو لغيره لا لنفسه حيث إن وجوبه لغيره لا يوجب كونه واجبا غيريا يترشح وجوبه من وجوب غيره فيكون مقدميا بل للتهيؤ لإيجابه فافهم.

و أما الأحكام فلا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة بل في صورة الموافقة أيضا في العبادة فيما لا يتأتى منه قصد القربة و ذلك لعدم الإتيان بالمأمور به مع عدم دليل على الصحة و الإجزاء إلا في الإتمام في موضع القصر أو الإجهار أو الإخفات في موضع الآخر فورد في الصحيح (1) و قد أفتى به المشهور صحة الصلاة و تماميتها في الموضعين مع الجهل مطلقا و لو كان عن تقصير موجب لاستحقاق العقوبة على ترك الصلاة المأمور بها لأن ما أتى بها و إن صحت و تمت إلا أنها ليست بمأمور بها.

إن قلت كيف يحكم بصحتها مع عدم الأمر بها و كيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصلاة التي أمر بها حتى فيما إذا تمكن مما أمر بها كما هو ظاهر إطلاقاتهم بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام و الإخفات و قد بقي من الوقت مقدار إعادتها قصرا أو جهرا ضرورة أنه لا تقصير هاهنا يوجب


1- التهذيب 3/ 266، الباب 23 الصلاة في السفر، الحديث/ 80، و وسائل الشيعة 15/ 531 الباب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4.

ص: 378

استحقاق العقوبة و بالجملة كيف يحكم بالصحة بدون الأمر و كيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة لو لا الحكم شرعا بسقوطها و صحة ما أتى بها.

قلت إنما حكم بالصحة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها و إن كانت دون مصلحة الجهر و القصر و إنما لم يؤمر بها لأجل أنه أمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل و الأتم.

و أما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة فإنها بلا فائدة إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها و لذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا مع تمكنه من التعلم فقد قصر و لو علم بعده و قد وسع الوقت.

فانقدح أنه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام و لا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الإخفات و إن كان الوقت باقيا.

إن قلت على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب فعلا و ما هو سبب لتفويت الواجب كذلك حرام و حرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.

قلت ليس سببا لذلك غايته أنه يكون مضادا له و قد حققنا في محله (1) أن الضد و عدم ضده متلازمان ليس بينهما توقف أصلا.

لا يقال علي هذا فلو صلى تماما أو صلى إخفاتا في موضع القصر و الجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما لكانت صلاته صحيحة و إن عوقب على مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر.

فإنه يقال لا بأس بالقول به لو دل دليل على أنها تكون مشتملة على المصلحة


1- مبحث الضد، في الأمر الثاني، عند دفع توهم المقدمية بين الضدين ص 130.

ص: 379

و لو مع العلم لاحتمال اختصاص أن يكون كذلك في صورة الجهل و لا بعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شي ء و الجهل به كما لا يخفى و قد صار بعض الفحول (1) بصدد بيان إمكان كون المأتي في غير موضعه مأمورا به بنحو الترتب و قد حققناه في مبحث الضد امتناع الأمر بالضدين مطلقا و لو بنحو الترتب بما لا مزيد عليه فلا نعيد.

(ثم إنه ذكر «2» لأصل البراءة شرطان آخران.
أحدهما

أن لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى.

ثانيهما أن لا يكون موجبا للضرر على آخر
اشارة

.) و لا يخفى أن أصالة البراءة عقلا و نقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية و عدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية و الإباحة أو رفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن ترتبه عليه بعد إحرازه فإن لم يكن مترتبا عليه بل على نفي التكليف واقعا فهي و إن كانت جارية إلا أن ذاك الحكم لا يترتب لعدم ثبوت ما يترتب عليه بها و هذا ليس بالاشتراط.

و أما اعتبار أن لا يكون موجبا للضرر فكل مقام تعمه قاعدة نفي الضرر و إن لم يكن مجال فيه لأصالة البراءة كما هو حالها مع سائر القواعد الثابتة بالأدلة الاجتهادية إلا أنه حقيقة لا يبقى لها مورد بداهة أن الدليل الاجتهادي يكون بيانا و موجبا للعلم بالتكليف و لو ظاهرا فإن كان المراد من الاشتراط ذلك فلا بد من اشتراط أن لا يكون على خلافها دليل اجتهادي لا خصوص قاعدة الضرر فتدبر و الحمد لله على كل حال.


1- و هو كاشف الغطاء (قدس سره) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرء/ 27 في البحث الثامن عشر.

ص: 380

ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر و الضرار على نحو الاقتصار و توضيح مدركها و شرح مفادها و إيضاح نسبتها مع الأدلة المثبتة للأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية أو الثانوية و إن كانت أجنبية عن مقاصد الرسالة إجابة لالتماس بعض الأحبة فأقول و به أستعين.

[أحاديث نفي الضرر]

إنه قد استدل عليها بأخبار كثيرة.

منها (موثقة زرارة (1) عن أبي جعفر عليه السلام: إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار و كان منزل الأنصاري بباب البستان و كان سمرة يمر إلى نخلته و لا يستأذن فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فجاء الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه و آله فشكا إليه فأخبر بالخبر فأرسل رسول الله و أخبره بقول الأنصاري و ما شكاه فقال إذا أردت الدخول فاستأذن فأبى فلما أبى فساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله فأبى أن يبيعه فقال لك بها عذق في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول الله صلى الله عليه و آله للأنصاري اذهب فاقلعها و ارم بها إليه فإنه لا ضرر و لا ضرار).

(و في رواية الحذاء (2) عن أبي جعفر عليه السلام: مثل ذلك إلا أنه فيها بعد الإباء ما أراك يا سمرة إلا مضارا اذهب يا فلان فاقلعها و ارم بها وجهه) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في قصة سمرة و غيرها (3) و هي كثيرة و قد ادعي (4) تواترها مع اختلافها لفظا و موردا فليكن المراد به تواترها إجمالا بمعنى


1- التهذيب 7: 146، الحديث 36 من باب بيع الماء، مع اختلاف لا يخل بالمقصود الكافي 5: 292، الحديث 2 من باب الضرار. الفقيه 3: 147 الحديث 18 من باب المضاربة.
2- الفقيه 3: 59 الحديث 9 الباب 44 حكم الحريم.
3- الفقيه 3: 45 الحديث 2 الباب 36 الشفعة. الكافي 5: 280 الحديث 4 باب الشفعة. التهذيب 7: 164، 727.
4- ايضاح الفوائد، فخر المحققين 2: 48 كتاب الدين، فصل التنازع.

ص: 381

القطع بصدور بعضها و الإنصاف أنه ليس في دعوى التواتر كذلك جزاف و هذا مع استناد المشهور إليها موجب لكمال الوثوق بها و انجبار ضعفها مع أن بعضها موثقة فلا مجال للإشكال فيها من جهة سندها كما لا يخفى.

[المراد من نفي الضرر]

و أما دلالتها فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النفع من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال تقابل العدم و الملكة كما أن الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جي ء به تأكيدا كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة و حكي عن النهاية (1) لا فعل الاثنين و إن كان هو الأصل في باب المفاعلة و لا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة و بالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر.

كما أن الظاهر أن يكون لا لنفي الحقيقة كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادعاء كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل (: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) (2) و (: يا أشباه الرجال و لا رجال) (3) فإن قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء لا نفي الحكم أو الصفة كما لا يخفى.

و نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة مما لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.

و قد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرري (4) أو الضرر الغير المتدارك (5) أو إرادة النهي من النفي جدا (6) ضرورة بشاعة استعمال الضرر


1- النهاية لابن الاثير 3: 81 مادة ضرر. و فيها «الضرار: فعل الاثنين ... و قيل هما بمعنى، و تكرارهما للتأكيد».
2- دعائم الإسلام 1: 148 في ذكر المساجد.
3- نهج البلاغة، الخطبة 27.
4- التزم به الشيخ في فرائد الاصول/ 314 في الشرط الثاني المحكي عن الفاضل التوني من شروط اصالة البراءة، و كذا في رسالة قاعدة لا ضرر المطبوعة في المكاسب 373.
5- ذهب اليه الفاضل التوني (ره)، الوافية/ 79، في شروط التمسك بأصالة البراءة.
6- اختاره السيد مير فتاح، العناوين/ 198، العنوان العاشر. و مال اليه شيخ الشريعة الاصفهاني، قاعدة لا ضرر و لا ضرار، 44.

ص: 382

و إرادة خصوص سبب من أسبابه أو خصوص الغير المتدارك منه و مثله لو أريد ذاك بنحو التقييد فإنه و إن لم يكن ببعيد إلا أنه بلا دلالة عليه غير سديد و إرادة النهي من النفي و إن كان ليس بعزيز إلا أنه لم يعهد من مثل هذا التركيب و عدم إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقة لا يكاد يكون قرينة على إرادة واحد منها بعد إمكان حمله على نفيها ادعاء بل كان هو الغالب في موارد استعماله.

ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنه العلة للنفي و لا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه و ينفيه بل يثبته و يقتضيه.

[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الأولية]

و من هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلة نفيه و أدلة الأحكام و تقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث إنه يوفق بينهما عرفا بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي يمنع عنه فعلا ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلته كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الأفعال بعناوينها الثانوية و الأدلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الأولية.

نعم ربما يعكس الأمر فيما أحرز بوجه معتبر أن الحكم في المورد ليس بنحو الاقتضاء بل بنحو العلية التامة.

و بالجملة الحكم الثابت بعنوان أولي.

تارة يكون بنحو الفعلية مطلقا أو بالإضافة إلى عارض دون عارض بدلالة لا يجوز الإغماض عنها بسبب دليل حكم العارض المخالف له فيقدم دليل ذاك العنوان على دليله.

و أخرى يكون على نحو لو كانت هناك دلالة للزم الإغماض عنها بسببه عرفا حيث كان اجتماعهما قرينة على أنه بمجرد المقتضي و أن العارض مانع فعلي هذا

ص: 383

و لو لم نقل بحكومة دليله على دليله لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله كما قيل (1).

[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الثانوية]

ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين كدليل نفي العسر و دليل نفي الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين و إلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى و إن كان دليل الآخر أرجح و أولى و لا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما لا من باب التعارض لعدم ثبوته إلا في أحدهما كما لا يخفى هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي أو ثانوي آخر.

و أما لو تعارض مع ضرر آخر فمجمل القول فيه أن الدوران إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين فلا مسرح إلا لاختيار أقلهما لو كان و إلا فهو مختار.

و أما لو كان بين ضرر نفسه و ضرر غيره فالأظهر عدم لزوم تحمله الضرر و لو كان ضرر الآخر أكثر فإن نفيه يكون للمنة على الأمة و لا منة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر و إن كان أكثر.

نعم لو كان الضرر متوجها إليه ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر اللهم إلا أن يقال إن نفي الضرر و إن كان للمنة إلا أنه بلحاظ نوع الأمة و اختيار الأقل بلحاظ النوع منه فتأمل.


1- التزم الشيخ (قده) بحكومة دليل لا ضرر على أدلة العناوين الأولية، فرائد الأصول 315، في الشرط الثاني مما ذكره عن الفاضل التوني من شروط البراءة.

ص: 384

ص: 385

ص: 386

ص: 387

ص: 388

ص: 389

ص: 390

ص: 391

ص: 392

ص: 393

ص: 394

ص: 395

ص: 396

ص: 397

ص: 398

ص: 399

ص: 400

ص: 401

ص: 402

ص: 403

ص: 404

ص: 405

ص: 406

ص: 407

ص: 408

ص: 409

ص: 410

ص: 411

ص: 412

ص: 413

ص: 414

ص: 415

ص: 416

ص: 417

ص: 418

ص: 419

ص: 420

ص: 421

ص: 422

ص: 423

ص: 424

ص: 425

ص: 426

ص: 427

ص: 428

ص: 429

ص: 430

ص: 431

ص: 432

[فصل في الاستصحاب]

تذنيب

[تقدم قاعدة الفراغ و التجاوز و أصالة الصحة على استصحاباتها]

لا يخفى أن مثل قاعدة التجاوز في حال الاشتغال بالعمل و قاعدة الفراغ

ص: 433

بعد الفراغ عنه و أصالة صحة عمل الغير إلى غير ذلك من القواعد المقررة في الشبهات الموضوعية إلا القرعة تكون مقدمة على استصحاباتها المقتضية لفساد ما شك فيه من الموضوعات لتخصيص دليلها بأدلتها و كون النسبة بينه و بين بعضها عموما من وجه لا يمنع عن تخصيصه بها بعد الإجماع على عدم التفصيل بين مواردها مع لزوم قلة المورد لها جدا لو قيل بتخصيصها بدليلها إذ قل مورد منها لم يكن هناك استصحاب على خلافها كما لا يخفى.

[تقدم الاستصحاب على القرعة]

و أما القرعة فالاستصحاب في موردها يقدم عليها لأخصية دليله من دليلها لاعتبار سبق الحالة السابقة فيه دونها و اختصاصها بغير الأحكام إجماعا لا يوجب الخصوصية في دليلها بعد عموم لفظها لها هذا مضافا إلى وهن دليلها بكثرة تخصيصه حتى صار العمل به في مورد محتاجا إلى الجبر بعمل المعظم كما قيل و قوة دليله بقلة تخصيصه بخصوص دليل.

لا يقال كيف يجوز تخصيص دليلها بدليله و قد كان دليلها رافعا لموضوع دليله لا لحكمه و موجبا لكون نقض اليقين باليقين بالحجة على خلافه كما هو الحال بينه و بين أدلة سائر الأمارات فيكون هاهنا أيضا من دوران الأمر بين التخصيص بلا وجه غير دائر و التخصص.

فإنه يقال ليس الأمر كذلك فإن المشكوك مما كانت له حالة سابقة و إن كان من المشكل و المجهول و المشتبه بعنوانه الواقعي إلا أنه ليس منها بعنوان ما طرأ عليه من نقض اليقين بالشك و الظاهر من دليل القرعة أن يكون منها بقول مطلق لا في الجملة فدليل الاستصحاب الدال على حرمة النقض الصادق عليه حقيقة رافع لموضوعه أيضا فافهم.

فلا بأس برفع اليد عن دليلها عند دوران الأمر بينه و بين رفع اليد عن دليله لوهن عمومها و قوة عمومه كما أشرنا إليه آنفا و الحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على محمد و آله باطنا و ظاهرا.

ص: 434

ص: 435

ص: 436

ص: 437

ص: 438

ص: 439

ص: 440

ص: 441

ص: 442

ص: 443

ص: 444

ص: 445

ص: 446

ص: 447

ص: 448

ص: 449

ص: 450

ص: 451

ص: 452

ص: 453

ص: 454

ص: 455

ص: 456

ص: 457

ص: 458

ص: 459

ص: 460

ص: 461

الخاتمة الاجتهاد و التقليد

اشارة

ص: 462

ص: 463

أما الخاتمة فهي فيما يتعلق بالاجتهاد و التقليد

[القول في الاجتهاد]

فصل الاجتهاد لغة تحمل المشقة

(و اصطلاحا كما عن الحاجبي (1) و العلامة (2) استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي و عن غيرهما (3) ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل فعلا أو قوة قريبة).

و لا يخفى أن اختلاف عباراتهم في بيان معناه اصطلاحا ليس من جهة الاختلاف في حقيقته و ماهيته لوضوح أنهم ليسوا في مقام بيان حده أو رسمه بل إنما كانوا في مقام شرح اسمه و الإشارة إليه بلفظ آخر و إن لم يكن مساويا له بحسب مفهومه كاللغوي في بيان معاني الألفاظ بتبديل لفظ بلفظ آخر و لو كان أخص منه مفهوما أو أعم.

و من هنا انقدح أنه لا وقع للإيراد على تعريفاته بعدم الانعكاس أو الاطراد كما هو الحال في تعريف جل الأشياء لو لا الكل ضرورة عدم الإحاطة بها بكنهها أو بخواصها الموجبة لامتيازها عما عداها لغير علام الغيوب فافهم.


1- راجع شرح مختصر الأصول/ 460، عند الكلام عن الاجتهاد.
2- التهذيب- مخطوط.
3- زبدة الأصول للشيخ البهائي (ره)/ 115 المنهج الرابع في الاجتهاد و التقليد.

ص: 464

و كيف كان فالأولى تبديل الظن بالحكم بالحجة عليه فإن المناط فيه هو تحصيلها قوة أو فعلا لا الظن حتى عند العامة القائلين بحجيته مطلقا أو بعض الخاصة القائل بها عند انسداد باب العلم بالأحكام فإنه مطلقا عندهم أو عند الانسداد عنده من أفراد الحجة و لذا لا شبهة في كون استفراغ الوسع في تحصيل غيره من أفرادها من العلم بالحكم أو غيره مما اعتبر من الطرق التعبدية الغير المفيدة للظن و لو نوعا اجتهادا أيضا.

و منه قد انقدح أنه لا وجه لتأبي الأخباري عن الاجتهاد بهذا المعنى فإنه لا محيص عنه كما لا يخفى غاية الأمر له أن ينازع في حجية بعض ما يقول الأصولي باعتباره و يمنع عنها و هو غير ضائر بالاتفاق على صحة الاجتهاد بذاك المعنى ضرورة أنه ربما يقع بين الأخباريين كما وقع بينهم و بين الأصوليين.

فصل ينقسم الاجتهاد إلى مطلق و تجز

اشارة

فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الأحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في الموارد التي لم يظفر فيها بها و التجزي هو ما يقتدر به على استنباط بعض الأحكام.

ثم إنه لا إشكال في إمكان المطلق و حصوله للأعلام و عدم التمكن من الترجيح في المسألة و تعيين حكمها و التردد منهم في بعض المسائل إنما هو بالنسبة إلى حكمها الواقعي لأجل عدم دليل مساعد في كل مسألة عليه أو عدم الظفر به بعد الفحص عنه بالمقدار اللازم لا لقلة الاطلاع أو قصور الباع.

و أما بالنسبة إلى حكمها الفعلي فلا تردد لهم أصلا كما لا إشكال في جواز العمل بهذا الاجتهاد لمن اتصف به و أما لغيره فكذا لا إشكال فيه إذا كان المجتهد ممن كان باب العلم أو العلمي بالأحكام مفتوحا له على ما يأتي من الأدلة على جواز التقليد بخلاف ما إذا انسد عليه بابهما فجواز تقليد الغير عنه في غاية الإشكال فإن رجوعه إليه ليس من رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى الجاهل و أدلة

ص: 465

جواز التقليد إنما دلت على جواز رجوع غير العالم إلى العالم كما لا يخفى و قضية مقدمات الانسداد ليست إلا حجية الظن عليه لا على غيره فلا بد في حجية اجتهاد مثله على غيره من التماس دليل آخر غير دليل التقليد و غير دليل الانسداد الجاري في حق المجتهد من إجماع أو جريان مقدمات دليل الانسداد في حقه بحيث تكون منتجة لحجية الظن الثابت حجيته بمقدماته له أيضا و لا مجال لدعوى الإجماع و مقدماته كذلك غير جارية في حقه لعدم انحصار المجتهد به أو عدم لزوم محذور عقلي من عمله بالاحتياط و إن لزم منه العسر إذا لم يكن له سبيل إلى إثبات عدم وجوبه مع عسره.

نعم لو جرت المقدمات كذلك بأن انحصر المجتهد و لزم من الاحتياط المحذور أو لزم منه العسر مع التمكن من إبطال وجوبه حينئذ كانت منتجة لحجيته في حقه أيضا لكن دونه خرط القتاد هذا على تقدير الحكومة.

و أما على تقدير الكشف و صحته فجواز الرجوع إليه في غاية الإشكال لعدم مساعدة أدلة التقليد على جواز الرجوع إلى من اختص حجية ظنه به و قضية مقدمات الانسداد اختصاص حجية الظن بمن جرت في حقه دون غيره و لو سلم أن قضيتها كون الظن المطلق معتبرا شرعا كالظنون الخاصة التي دل الدليل على اعتبارها بالخصوص فتأمل.

إن قلت حجية الشي ء شرعا مطلقا لا يوجب القطع بما أدى إليه من الحكم و لو ظاهرا كما مر تحقيقه (1) و أنه ليس أثره إلا تنجز الواقع مع الإصابة و العذر مع عدمها فيكون رجوعه إليه مع انفتاح باب العلمي عليه أيضا رجوعا إلى الجاهل فضلا عما إذا انسد عليه.

قلت نعم إلا أنه عالم بموارد قيام الحجة الشرعية على الأحكام فيكون من رجوع الجاهل إلى العالم.


1- في بيان الأمارات غير القطعية، ص 277.

ص: 466

إن قلت رجوعه إليه في موارد فقد الأمارة المعتبرة عنده التي يكون المرجع فيها الأصول العقلية ليس إلا الرجوع إلى الجاهل.

قلت رجوعه إليه فيها إنما هو لأجل اطلاعه على عدم الأمارة الشرعية فيها و هو عاجز عن الاطلاع على ذلك و أما تعيين ما هو حكم العقل و أنه مع عدمها هو البراءة أو الاحتياط فهو إنما يرجع إليه فالمتبع ما استقل به عقله و لو على خلاف ما ذهب إليه مجتهده فافهم.

و كذلك لا خلاف و لا إشكال في نفوذ حكم المجتهد المطلق إذا كان باب العلم أو العلمي له مفتوحا و أما إذا انسد عليه بابهما ففيه إشكال على الصحيح من تقرير المقدمات على نحو الحكومة فإن مثله كما أشرت آنفا ليس ممن يعرف الأحكام مع أن معرفتها معتبرة في الحاكم كما في المقبولة إلا أن يدعى عدم القول بالفصل و هو و إن كان غير بعيد إلا أنه ليس بمثابة يكون حجة على عدم الفصل إلا أن يقال بكفاية انفتاح باب العلم في موارد الإجماعات و الضروريات من الدين أو المذهب و المتواترات إذا كانت جملة يعتد بها و إن انسد باب العلم بمعظم الفقه فإنه يصدق عليه حينئذ أنه ممن روى حديثهم عليهم السلام و نظر في حلالهم عليهم السلام و حرامهم عليهم السلام و عرف أحكامهم عرفا حقيقة و أما (قوله عليه السلام في المقبولة: فإذا حكم بحكمنا) فالمراد أن مثله إذا حكم كان بحكمهم حكم حيث كان منصوبا منهم كيف و حكمه غالبا يكون في الموضوعات الخارجية و ليس مثل ملكية دار لزيد أو زوجية امرأة له من أحكامهم عليهم السلام فصحة إسناد حكمه إليهم عليهم السلام إنما هو لأجل كونه من المنصوب من قبلهم.

و أما التجزي في الاجتهاد ففيه مواضع من الكلام
الأول في إمكانه

و هو و إن كان محل الخلاف بين الأعلام إلا أنه لا ينبغي الارتياب فيه حيث كانت أبواب الفقه مختلفة مدركا و المدارك متفاوتة سهولة

ص: 467

و صعوبة عقلية و نقلية مع اختلاف الأشخاص في الاطلاع عليها و في طول الباع و قصوره بالنسبة إليها فرب شخص كثير الاطلاع و طويل الباع في مدرك باب بمهارته في النقليات أو العقليات و ليس كذلك في آخر لعدم مهارته فيها و ابتنائه عليها و هذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه أو لمهارة الشخص فيه مع صعوبته مع عدم القدرة على ما ليس كذلك بل يستحيل حصول اجتهاد مطلق عادة غير مسبوق بالتجزي للزوم الطفرة و بساطة الملكة و عدم قبولها التجزئة لا تمنع من حصولها بالنسبة إلى بعض الأبواب بحيث يتمكن بها من الإحاطة بمداركه كما إذا كانت هناك ملكة الاستنباط في جميعها و يقطع بعدم دخل ما في سائرها به أصلا أو لا يعتنى باحتماله لأجل الفحص بالمقدار اللازم الموجب للاطمئنان بعدم دخله كما في الملكة المطلقة بداهة أنه لا يعتبر في استنباط مسألة معها من الاطلاع فعلا على مدارك جميع المسائل كما لا يخفى.

الثاني في حجية ما يؤدي إليه على المتصف به

و هو أيضا محل الخلاف إلا أن قضية أدلة المدارك حجيته لعدم اختصاصها بالمتصف بالاجتهاد المطلق ضرورة أن بناء العقلاء على حجية الظواهر مطلقا و كذا ما دل على حجية خبر الواحد غايته تقييده بما إذا تمكن من دفع معارضاته كما هو المفروض.

الثالث في جواز رجوع غير المتصف به إليه

في كل مسألة اجتهد فيها و هو أيضا محل الإشكال من أنه من رجوع الجاهل إلى العالم فتعمه أدلة جواز التقليد و من دعوى عدم إطلاق فيها و عدم إحراز أن بناء العقلاء أو سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله أيضا و ستعرف إن شاء الله تعالى ما هو قضية الأدلة.

و أما جواز حكومته و نفوذ فصل خصومته فأشكل نعم لا يبعد نفوذه فيما إذا عرف جملة معتدة بها و اجتهد فيها بحيث يصح أن يقال في حقه عرفا إنه ممن عرف

ص: 468

أحكامهم كما مر في المجتهد المطلق المنسد عليه باب العلم و العلمي في معظم الأحكام.

فصل [في بيان ما يتوقف عليه الاجتهاد]

لا يخفى احتياج الاجتهاد إلى معرفة العلوم العربية في الجملة و لو بأن يقدر على معرفة ما يبتني عليه الاجتهاد في المسألة بالرجوع إلى ما دون فيه و معرفة التفسير كذلك.

و عمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول ضرورة أنه ما من مسألة إلا و يحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في الأصول أو برهن عليها مقدمة في نفس المسألة الفرعية كما هو طريقة الأخباري و تدوين تلك القواعد المحتاج إليها على حدة لا يوجب كونها بدعة و عدم تدوينها في زمانهم عليهم السلام لا يوجب ذلك و إلا كان تدوين الفقه و النحو و الصرف بدعة.

و بالجملة لا محيص لأحد في استنباط الأحكام الفرعية من أدلتها إلا الرجوع إلى ما بنى عليه في المسائل الأصولية و بدونه لا يكاد يتمكن من استنباط و اجتهاد مجتهدا كان أو أخباريا نعم يختلف الاحتياج إليها بحسب اختلاف المسائل و الأزمنة و الأشخاص ضرورة خفة مئونة الاجتهاد في الصدر الأول و عدم حاجته إلى كثير مما يحتاج إليه في الأزمنة اللاحقة مما لا يكاد يحقق و يختار عادة إلا بالرجوع إلى ما دون فيه من الكتب الأصولية.

فصل [التخطئة و التصويب]

اتفقت الكلمة على التخطئة في العقليات و اختلفت في الشرعيات فقال أصحابنا بالتخطئة فيها أيضا و أن له تبارك و تعالى في كل مسألة حكم يؤدي إليه الاجتهاد تارة و إلى غيره أخرى.

و قال مخالفونا بالتصويب و أن له تعالى أحكاما بعدد آراء المجتهدين فما

ص: 469

يؤدي إليه الاجتهاد هو حكمه تبارك و تعالى و لا يخفى أنه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم المسألة إلا إذا كان لها حكم واقعا حتى صار المجتهد بصدد استنباطه من أدلته و تعيينه بحسبها ظاهرا فلو كان غرضهم من التصويب هو الالتزام بإنشاء أحكام في الواقع بعدد الآراء بأن تكون الأحكام المؤدي إليها الاجتهادات أحكاما واقعية كما هي ظاهرية فهو و إن كان خطأ من جهة تواتر الأخبار و إجماع أصحابنا الأخيار على أن له تبارك و تعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه الكل إلا أنه غير محال و لو كان غرضهم منه الالتزام بإنشاء الأحكام على وفق آراء الأعلام بعد الاجتهاد فهو مما لا يكاد يعقل فكيف يتفحص عما لا يكون له عين و لا أثر أو يستظهر من الآية أو الخبر إلا أن يراد التصويب بالنسبة إلى الحكم الفعلي و أن المجتهد و إن كان يتفحص عما هو الحكم واقعا و إنشاء إلا أن ما أدى إليه اجتهاده يكون هو حكمه الفعلي حقيقة و هو مما يختلف باختلاف الآراء ضرورة و لا يشترك فيه الجاهل و العالم بداهة و ما يشتركان فيه ليس بحكم حقيقة بل إنشاء فلا استحالة في التصويب بهذا المعنى بل لا محيص عنه في الجملة بناء على اعتبار الأخبار من باب السببية و الموضوعية كما لا يخفى و ربما يشير إليه ما اشتهرت بيننا أن ظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم.

نعم بناء على اعتبارها من باب الطريقية كما هو كذلك فمؤديات الطرق و الأمارات المعتبرة ليست بأحكام حقيقية نفسية و لو قيل بكونها أحكاما طريقية و قد مر (1) غير مرة إمكان منع كونها أحكاما كذلك أيضا و أن قضية حجيتها ليس إلا تنجز [تنجيز] مؤدياتها عند إصابتها و العذر عند خطائها فلا يكون حكم أصلا إلا الحكم الواقعي فيصير منجزا فيما قام عليه حجة من علم أو طريق معتبر و يكون غير منجز بل غير فعلي فيما لم تكن هناك حجة مصيبة فتأمل جيدا.


1- في دفع الايراد عن إمكان التعبد بالأمارة غير القطعية/ ص 277 و في التنبيه الثاني من تنبيهات الاستصحاب/ ص 405.

ص: 470

فصل إذا اضمحل الاجتهاد السابق

بتبدل الرأي الأول بالآخر أو بزواله بدونه فلا شبهة في عدم العبرة به في الأعمال اللاحقة و لزوم اتباع اجتهاد اللاحق مطلقا أو الاحتياط فيها و أما الأعمال السابقة الواقعة على وفقه المختل فيها ما اعتبر في صحتها بحسب هذا الاجتهاد فلا بد من معاملة البطلان معها فيما لم ينهض دليل على صحة العمل فيما إذا اختل فيه لعذر كما نهض في الصلاة و غيرها مثل لا تعاد (1) و حديث الرفع (2) بل الإجماع على الإجزاء في العبادات على ما ادعي.

و ذلك فيما كان بحسب الاجتهاد الأول قد حصل القطع بالحكم و قد اضمحل واضح بداهة أنه لا حكم معه شرعا غايته المعذورية في المخالفة عقلا و كذلك فيما كان هناك طريق معتبر شرعا عليه بحسبه و قد ظهر خلافه بالظفر بالمقيد أو المخصص أو قرينة المجاز أو المعارض بناء على ما هو التحقيق من اعتبار الأمارات من باب الطريقية قيل بأن قضية اعتبارها إنشاء أحكام طريقية أم لا على ما مر منا غير مرة من غير فرق بين تعلقه بالأحكام أو بمتعلقاتها ضرورة أن كيفية اعتبارها فيهما على نهج واحد و لم يعلم وجه للتفصيل بينهما كما في الفصول (3) و أن المتعلقات لا تتحمل اجتهادين بخلاف الأحكام إلا حسبان أن الأحكام قابلة للتغير و التبدل بخلاف المتعلقات و الموضوعات و أنت خبير بأن الواقع واحد فيهما و قد عين أولا بما ظهر خطؤه ثانيا و لزوم العسر و الحرج و الهرج و المرج المخل بالنظام و الموجب للمخاصمة بين الأنام لو قيل بعدم صحة العقود و الإيقاعات و العبادات الواقعة على طبق الاجتهاد الأول الفاسدة بحسب الاجتهاد الثاني


1- الفقيه: 1/ 225، الباب 49. الحديث 8 و الباب 42، الحديث 17 و التهذيب: 2/ 152، الباب 9، الحديث 55.
2- راجع ص 339، في الاستدلال على البراءة بالنسبة.
3- الفصول: 409، في فصل رجوع المجتهد عن الفتوى.

ص: 471

و وجوب العمل على طبق الثاني من عدم ترتيب الأثر على المعاملة و إعادة العبادة لا يكون إلا أحيانا و أدلة نفي العسر لا ينفي إلا خصوص ما لزم منه العسر فعلا مع عدم اختصاص ذلك بالمتعلقات و لزوم العسر في الأحكام كذلك أيضا لو قيل بلزوم ترتيب الأثر على طبق الاجتهاد الثاني في الأعمال السابقة و باب الهرج و المرج ينسد بالحكومة و فصل الخصومة.

و بالجملة لا يكون التفاوت بين الأحكام و متعلقاتها بتحمل الاجتهادين و عدم التحمل بينا و لا مبينا مما يرجع إلى محصل في كلامه زيد في علو مقامه فراجع و تأمل.

و أما بناء على اعتبارها من باب السببية و الموضوعية فلا محيص عن القول بصحة العمل على طبق الاجتهاد الأول عبادة كان أو معاملة و كون مؤداه ما لم يضمحل حكما حقيقة و كذلك الحال إذا كان بحسب الاجتهاد الأول مجرى الاستصحاب أو البراءة النقلية و قد ظفر في الاجتهاد الثاني بدليل على الخلاف فإنه عمل بما هو وظيفته على تلك الحال و قد مر في مبحث الإجزاء تحقيق المقال فراجع هناك.

ص: 472

فصل في التقليد

اشارة

و هو أخذ قول الغير و رأيه للعمل به في الفرعيات أو للالتزام به في الاعتقاديات تعبدا بلا مطالبة دليل على رأيه و لا يخفى أنه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ضرورة سبقه عليه و إلا كان بلا تقليد فافهم.

ثم إنه لا يذهب عليك أن جواز التقليد و رجوع الجاهل إلى العالم في الجملة يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى دليل و إلا لزم سد باب العلم به على العامي مطلقا غالبا لعجزه عن معرفة ما دل عليه كتابا و سنة و لا يجوز التقليد فيه أيضا و إلا لدار أو تسلسل بل هذه هي العمدة في أدلته و أغلب ما عداه قابل للمناقشة لبعد تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة مما يمكن أن يكون القول فيه لأجل كونه من الأمور الفطرية الارتكازية و المنقول منه غير حجة في مثلها و لو قيل بحجيتها في غيرها لوهنه بذلك.

و منه قد انقدح إمكان القدح في دعوى كونه من ضروريات الدين لاحتمال أن يكون من ضروريات العقل و فطرياته لا من ضرورياته و كذا القدح في دعوى (1) سيرة المتدينين.


1- الفصول: 411 في فصل جواز التقليد.

ص: 473

و أما الآيات فلعدم دلالة آية النفر (1) و السؤال (2) على جوازه لقوة احتمال أن يكون الإرجاع لتحصيل العلم لا للأخذ تعبدا مع أن المسئول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها أو أهل بيت العصمة الأطهار كما فسر به في الأخبار (3).

نعم لا بأس بدلالة الأخبار عليه بالمطابقة أو الملازمة حيث دل بعضها (4) على وجوب اتباع قول العلماء و بعضها (5) على أن للعوام تقليد العلماء و بعضها (6) على جواز الإفتاء مفهوما مثل ما دل على المنع عن الفتوى بغير علم أو منطوقا مثل (7) ما دل على إظهاره عليه السلام المحبة لأن يرى في أصحابه من يفتي الناس بالحلال و الحرام.

لا يقال إن مجرد إظهار الفتوى للغير لا يدل على جواز أخذه و اتباعه.

فإنه يقال إن الملازمة العرفية بين جواز الإفتاء و جواز اتباعه واضحة و هذا غير وجوب إظهار الحق و الواقع حيث لا ملازمة بينه و بين وجوب أخذه تعبدا فافهم و تأمل.

و هذه الأخبار على اختلاف مضامينها و تعدد أسانيدها لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها فيكون دليلا قاطعا على جواز التقليد و إن لم يكن كل واحد منها


1- التوبة: 122.
2- النحل: 43.
3- الكافي: 1/ 163، كتاب الحجّه الباب 20، الأحاديث.
4- الوسائل 18/ 98، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الأحاديث: 4 و 5 و 9 و 15 و 23 و 27 و 33 و 42 و 45 و الباب 12، الحديث 54.
5- الاحتجاج: 2/ 457 في احتجاجات أبي محمد العسكري و جاء في الوسائل: 18/ 94، الباب 10 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20.
6- الوسائل: 18/ 9، الباب 4 من أبواب صفات القاضي، الأحاديث 1 و 2 و 3 و 31 و 33 و الباب 6، الحديث 48. و الباب 9، الحديث 23 و الباب 11، الحديث 12.
7- الوسائل: 18/ 108، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 36.

ص: 474

بحجة فيكون مخصصا لما دل على عدم جواز اتباع غير العلم و الذم على التقليد من الآيات و الروايات.

قال الله تبارك و تعالى وَ لٰا تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (1) و قوله تعالى إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلىٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمْ مُقْتَدُونَ (2) مع احتمال أن الذم إنما كان على تقليدهم للجاهل أو في الأصول الاعتقادية التي لا بد فيها من اليقين و أما قياس المسائل الفرعية على الأصول الاعتقادية في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها كذلك لا يجوز فيها بالطريق الأولى لسهولتها فباطل مع أنه مع الفارق ضرورة أن الأصول الاعتقادية مسائل معدودة بخلافها فإنها مما لا تعد و لا تحصى و لا يكاد يتيسر من الاجتهاد فيها فعلا طول العمر إلا للأوحدي في كلياتها كما لا يخفى.

فصل إذا علم المقلد اختلاف الأحياء في الفتوى

مع اختلافهم في العلم و الفقاهة فلا بد من الرجوع إلى الأفضل إذا احتمل تعينه للقطع بحجيته و الشك في حجية غيره و لا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده إلا على نحو دائر.

نعم لا بأس برجوعه إليه إذا استقل عقله بالتساوي و جواز الرجوع إليه أيضا أو جوز له الأفضل بعد رجوعه إليه هذا حال العاجز عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الأدلة في هذه المسألة.

و أما غيره فقد اختلفوا في جواز تقليد (3) المفضول و عدم جوازه ذهب بعضهم إلى الجواز و المعروف بين الأصحاب على ما قيل عدمه و هو الأقوى


1- الإسراء: 36.
2- الزخرف: 23.
3- في «ب»: تقديم.

ص: 475

للأصل و عدم دليل على خلافه و لا إطلاق في أدلة التقليد بعد الغض عن نهوضها على مشروعية أصله لوضوح أنها إنما تكون بصدد بيان أصل جواز الأخذ بقول العالم لا في كل حال من غير تعرض أصلا لصورة معارضته بقول الفاضل كما هو شأن سائر الطرق و الأمارات على ما لا يخفى.

و دعوى (1) السيرة على الأخذ بفتوى أحد المخالفين في الفتوى من دون فحص عن أعلميته مع العلم بأعلمية أحدهما ممنوعة.

و لا عسر في تقليد الأعلم لا عليه لأخذ فتاواه من رسائله و كتبه و لا لمقلديه لذلك أيضا و ليس تشخيص الأعلمية بأشكل من تشخيص أصل الاجتهاد مع أن قضية نفي العسر الاقتصار على موضع العسر فيجب فيما لا يلزم منه عسر فتأمل جيدا.

و قد استدل للمنع أيضا بوجوه.

أحدها (2) نقل الإجماع على تعيين تقليد الأفضل.

ثانيها (3) الأخبار الدالة على ترجيحه مع المعارضة كما في المقبولة (4) و غيرها (5) أو على اختياره للحكم بين الناس كما دل عليه المنقول (6) (عن أمير المؤمنين عليه السلام: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك).

ثالثها (7) أن قول الأفضل أقرب من غيره جزما فيجب الأخذ به عند


1- راجع شرح مختصر الأصول/ 484.
2- مطارح الأنظار/ 303، في التنبيه السادس، عند استدلاله على القول بوجوب تقليد الأفضل.
3- مفاتيح الأصول/ 627.
4- التهذيب 6: 301، الباب 92، الحديث 6- الكافي 1: 54. باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم، الحديث 10.
5- التهذبيب 6/ 301، الباب 92، الحديث 50 و 51- الفقيه 3: 5 الباب 9 الحديث 1 و 2.
6- نهج البلاغة الجزء الثالث: 104 في كتابه (عليه السلام) للأشتر النخعي.
7- الذريعة 2: 801، في باب الاجتهاد، فصل صفة المفتي و المستفتي. المعالم/ 241. في «أصل: و يعتبر في المفتى .. الخ» من المطلب التاسع.

ص: 476

المعارضة عقلا.

و لا يخفى ضعفها.

أما الأول فلقوة احتمال أن يكون وجه القول بالتعيين للكل أو الجل هو الأصل فلا مجال لتحصيل الإجماع مع الظفر بالاتفاق فيكون نقله موهونا مع عدم حجية نقله و لو مع عدم وهنه.

و أما الثاني فلأن الترجيح مع المعارضة في مقام الحكومة لأجل رفع الخصومة التي لا تكاد ترتفع إلا به لا يستلزم الترجيح في مقام الفتوى كما لا يخفى.

و أما الثالث فممنوع صغرى و كبرى أما الصغرى فلأجل أن فتوى غير الأفضل ربما يكون أقرب من فتواه لموافقته لفتوى من هو أفضل منه ممن مات و لا يصغى إلى أن فتوى الأفضل أقرب في نفسه فإنه لو سلم أنه كذلك إلا أنه ليس بصغرى لما ادعي عقلا من الكبرى بداهة أن العقل لا يرى تفاوتا بين أن تكون الأقربية في الأمارة لنفسها أو لأجل موافقتها لأمارة أخرى كما لا يخفى.

و أما الكبرى فلأن ملاك حجية قول الغير تعبدا و لو على نحو الطريقية لم يعلم أنه القرب من الواقع فلعله يكون ما هو في الأفضل و غيره سيان و لم يكن لزيادة القرب في أحدهما دخل أصلا.

نعم لو كان تمام الملاك هو القرب كما إذا كان حجة بنظر العقل لتعين الأقرب قطعا فافهم.

فصل اختلفوا في اشتراط الحياة في المفتي

و المعروف بين الأصحاب (1) الاشتراط


1- راجع مسالك الأفهام 1: 127، في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و قواعد الأحكام 119 كتاب الجهاد، في المقصد الخامس.

ص: 477

و بين العامة (1) عدمه و هو خيرة الأخباريين (2) و بعض المجتهدين (3) من أصحابنا و ربما نقل تفاصيل.

منها (4) التفصيل بين البدوي فيشترط و الاستمراري فلا يشترط و المختار ما هو المعروف بين الأصحاب للشك في جواز تقليد الميت و الأصل عدم جوازه و لا مخرج عن هذا الأصل إلا ما استدل به المجوز على الجواز من وجوه ضعيفة.

منها (5) استصحاب جواز تقليده في حال حياته و لا يذهب عليك أنه لا مجال له لعدم بقاء موضوعه عرفا لعدم بقاء الرأي معه فإنه متقوم بالحياة بنظر العرف و إن لم يكن كذلك واقعا حيث إن الموت عند أهله موجب لانعدام الميت و رأيه و لا ينافي ذلك صحة استصحاب بعض أحكام حال حياته كطهارته و نجاسته و جواز نظر زوجته إليه فإن ذلك إنما يكون فيما لا يتقوم بحياته عرفا بحسبان بقائه ببدنه الباقي بعد موته و إن احتمل أن يكون للحياة دخل في عروضه واقعا و بقاء الرأي لا بد منه في جواز التقليد قطعا و لذا لا يجوز التقليد فيما إذا تبدل الرأي أو ارتفع لمرض أو هرم إجماعا.

و بالجملة يكون انتفاء الرأي بالموت بنظر العرف بانعدام موضوعه و يكون حشره في القيامة إنما هو من باب إعادة المعدوم و إن لم يكن كذلك حقيقة لبقاء موضوعه و هو النفس الناطقة الباقية حال الموت لتجرده و قد عرفت في باب الاستصحاب أن المدار في بقاء الموضوع و عدمه هو العرف فلا يجدي بقاء النفس


1- شرح البدخشي 3: 387 و الإبهاج في شرح المنهاج 3: 268 و فواتح الرحموت 2: 407.
2- الفوائد المدنية 149.
3- كالمحقق القمي، قوانين الأصول 2.
4- راجع مفاتيح الاصول/ 624.
5- راجع مفاتيح الأصول/ 624، في التنبيه الأول من تقليد الميت.

ص: 478

عقلا في صحة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه و حسبان أهله أنها غير باقية و إنما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها فتأمل جيدا.

لا يقال نعم الاعتقاد و الرأي و إن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه إلا أن حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته كما هو الحال في الرواية.

فإنه يقال لا شبهة في أنه لا بد في جوازه من بقاء الرأي و الاعتقاد و لذا لو زال بجنون أو تبدل و نحوهما لما جاز قطعا كما أشير إليه آنفا هذا بالنسبة إلى التقليد الابتدائي.

و أما الاستمراري فربما يقال بأنه قضية استصحاب الأحكام التي قلده فيها فإن رأيه و إن كان مناطا لعروضها و حدوثها إلا أنه عرفا من أسباب العروض لا من مقومات الموضوع و المعروض و لكنه لا يخفى أنه لا يقين بالحكم شرعا سابقا فإن جواز التقليد إن كان بحكم العقل و قضية الفطرة كما عرفت فواضح فإنه لا يقتضي أزيد من تنجز ما أصابه من التكليف و العذر فيما أخطأ و هو واضح و إن كان بالنقل فكذلك على ما هو التحقيق من أن قضية الحجية شرعا ليس إلا ذلك لإنشاء أحكام شرعية على طبق مؤداها فلا مجال لاستصحاب ما قلده لعدم القطع به سابقا إلا على ما تكلفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب (1) فراجع و لا دليل على حجية رأيه السابق في اللاحق.

و أما بناء على ما هو المعروف بينهم من كون قضية الحجية الشرعية جعل مثل ما أدت إليه من الأحكام الواقعية التكليفية أو الوضعية شرعا في الظاهر فلاستصحاب ما قلده من الأحكام و إن كان مجال بدعوى بقاء الموضوع عرفا لأجل كون الرأي عند أهل العرف من أسباب العروض لا من مقومات المعروض إلا أن الإنصاف عدم كون الدعوى خالية عن الجزاف فإنه من المحتمل لو لا


1- التنبيه الثاني/ ص 405.

ص: 479

المقطوع أن الأحكام التقليدية عندهم أيضا ليست أحكاما لموضوعاتها بقول مطلق بحيث عد من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه بسبب تبدل الرأي و نحوه بل إنما كانت أحكاما لها بحسب رأيه بحيث عد من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدل و مجرد احتمال ذلك يكفي في عدم صحة استصحابها لاعتبار إحراز بقاء الموضوع و لو عرفا فتأمل جيدا.

هذا كله مع إمكان دعوى أنه إذا لم يجز البقاء على التقليد بعد زوال الرأي بسبب الهرم أو المرض إجماعا لم يجز في حال الموت بنحو أولى قطعا فتأمل.

و منها إطلاق الآيات (1) الدالة على التقليد.

و فيه مضافا إلى ما أشرنا إليه من عدم دلالتها عليه منع إطلاقها على تقدير دلالتها و إنما هو مسوق لبيان أصل تشريعه كما لا يخفى و منه انقدح حال إطلاق ما دل من الروايات على التقليد (2) مع إمكان دعوى الانسباق إلى حال الحياة فيها.

و منها دعوى (3) أنه لا دليل على التقليد إلا دليل الانسداد و قضيته جواز تقليد الميت كالحي بلا تفاوت بينهما أصلا كما لا يخفى.

و فيه أنه لا يكاد تصل النوبة إليه لما عرفت من دليل العقل و النقل عليه.

و منها (4) دعوى السيرة على البقاء فإن المعلوم من أصحاب الأئمة


1- آية النفر/ التوبة: 122 و آية السؤال/ النحل: 43 و آية الكتمان/ البقرة: 159 و آية النبأ/ الحجرات: 5.
2- إكمال الدين و إتمام النعمة: 2/ 483، باب ذكر التوقيعات، الحديث 4 و للمزيد راجع الوسائل: 18/ 101، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 9.
3- استدل به المحقق القمي (ره) قوانين الأصول: 2/ 265 في قانون عدم اشتراط مشافهة المفتي، عند قوله: بل الدليل عليه هو ما ذكرنا من البرهان ... الخ.
4- مطارح الأنظار: 295 في أدلة القائلين بجواز الاستمرار على تقليد الميت.

ص: 480

عليهم السلام عدم رجوعهم عما أخذوه تقليدا بعد موت المفتي.

و فيه منع السيرة فيما هو محل الكلام و أصحابهم عليهم السلام إنما لم يرجعوا عما أخذوه من الأحكام لأجل أنهم غالبا إنما كانوا يأخذونها ممن ينقلها عنهم عليهم السلام بلا واسطة أحد أو معها من دون دخل رأي الناقل فيه أصلا و هو ليس بتقليد كما لا يخفى و لم يعلم إلى الآن حال من تعبد بقول غيره و رأيه أنه كان قد رجع أو لم يرجع بعد موته.

و [منها (1) غير ذلك مما لا يليق بأن يسطر أو يذكر] (2).


1- راجع مفاتيح الأصول للسيد المجاهد: 622 في مفتاح: اختلفوا في جواز تقليد المجتهد الميت عند ذكره أدلة المجوزين.
2- اثبناها في «ب» و شطب عليها المصنف في «أ».

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.